يرافق تساقط الشعر الإنسان طيلة حياته حتى في الظروف العادية، حيث تحتوي فروة الرأس على أجزاء من الشعر تكون بصدد النمو، بينما تتوقف أجزاء أخرى عن النمو تماماً، طبعاَ دون أن ننسى الجزء الذي يتساقط بشكل طبيعي.
إلا أن التغيرات الجسدية التي تمر بها المرأة أثناء فترة الحمل والولادة تؤثر بشكل كبير على حالة الشعر. سنتناول اليوم أهم أسباب تساقط الشعر بعد الولادة وأفضل طرق علاج هذا التساقط التي تمر به ملايين النساء حول العالم يومياً.
أسباب تساقط الشعر بعد الولادة
ينمو الشعر بكثافة خلال فترة الحمل نتيجة ارتفاع معدل هرمون الأستروجين خلال أشهر الحمل. ولكن بعد الولادة تعود مستويات هرمون الأستروجين إلى وضعها الطبيعي ما يتسبب بدخول كميات كبيرة من البصيلات في مرحلة الراحة وبالتالي يبدأ تساقط الشعر بعد الولادة ممتداً حتى ثلاثة أشهر على الأقل.
كما يلعب النظام الغذائي المتّبع خلال الحمل والولادة دوراً كبيراً في كثافة الشعر بشكل عام، حيث قد تتعرض المرأة الحامل إلى نقص كبير في معدن الحديد مثلاُ، الأمر الذي يساهم بتفاقم مشكلة تساقط الشعر أو عدم التعافي منها بشكل طبيعي.
بالإضافة لذلك، يربط الأطباء فرط نشاط الغدة الدرقية أو قصوره الشائعان نسبياً أثناء فترة الحمل مع مشكلة تساقط الشعر بعد الولادة. حيث قد يعود سبب التساقط الملحوظ في الشعر لاحتمال وجود مشكلة في نشاط الغدة الدرقية.
كما قد يؤدي استخدام بعض أنواع صبغات الشعر التي تحتوي على مواد مؤكسدة مثل مونوإيثانولامين أو بيروكسيد الهيدروجين إلى إلحاق الضرر بصحة الشعر وزيادة تساقطه خاصةً إن كانت هذه المكونات مستخدمة بتراكيز عالية. كما تعرض بعض أنواع الصبغات الأخرى المرأة لخطر التهاب الجلد التماسي التحسسي، خاصةً تلك التي تحتوي على مادة البارافينيلين ديامين. ولا تعتبر هذه المخاطر مرتبطة بفترة الحمل فقط، ولكن من الأفضل تجنبها تماماً أثناء هذه الفترة الحساسة بحياة المرأة.
يؤدي أيضاً افتقاد جسم المرأة لبعض الفيتامينات الضرورية لصحة الشعر، مثل فيتامين أ وفيتامين سي وفيتامين هـ إلى ازدياد تساقط الشعر خلال فترة ما بعد الولادة. بالإضافة لذلك، تلعب العوامل النفسية مثل التعرض المستمر للإجهاد والتوتر والضغوط الحياتية إلى التأثير على صحة وحيوية الشعر، خاصة مع خطر إصابة المرأة باكتئاب ما بعد الولادة.
علاج تساقط الشعر بعد الولادة
لا ينصح الأطباء المختصين باستعمال العقاقير أو الأدوية بشكل عام لعلاج تساقط الشعر بعد الولادة حيث أن تساقط الشعر في هذه الفترة أمر طبيعي تمر فيه العديد من النساء. ولكن لا بد من اتباع بعض وسائل علاج الشعر الطبيعية البسيطة التي تهدف لتغذية الشعر وتقويته بشكلٍ عام، مثل:
- تناول المعادن والفيتامينات والمغذيات التي يفتقدها جسمك بعد الخروج من فترة الحمل والولادة ومروره بمرحلة الرضاعة. إن تناول هذه المكملات بانتظام سينعكس بشكل مباشر على صحة شعرك.
- الاهتمام بالنظام الغذائي مهم جداً لفروة الرأس، خاصة أن تناول الفيتامينات وحدها لا يعوض عن الوجبة الصحية والمتكاملة.
- ركزي على تناول فيتامين سي ومجموعات فيتامينات ب بالإضافة لأوميجا 3. حيث تساعد تلك الفيتامينات في استعادة حيوية الشعر بوقت سريع.
- يعدّ البيوتين أيضاً أحد العلاجات الطبيعية الممتازة لمنع تساقط الشعر بعد الولادة خصوصاً أنه أحد مكونات فيتامين ب.
- كما ننصح بأخذ الكافيين بعين الاعتبار في هذه المرحلة سواء باستخدامه على هيئة أقراص أو وضعه على فروة الرأس مباشرةً.
- لا ننصح أبداً باستخدام المينوكسيديل أو غيره من الأدوية القوية في هذه المرحلة، لأن أسباب تساقط الشعر هنا مختلفة تماماً عن مبررات استخدام المينوكسيديل.
- يساعد التدليك الرقيق والحذر لفروة الرأس في إيصال الدم المليء بالمغذيات بصورة أكبر إلى بصيلات الشعر. الأمر الذي يساهم في معاودة نمو الشعر بسرعة من جديد.
- تعدّ الزيوت الطبيعية مفيدةٌ للشعر بشكل عام عند تطبيقها بين الحين والآخر، ولكن ننصحك بالابتعاد عن استخدام المنتجات الغير موثوق بها أو التي تحتوي على مواد كيميائية أو خلطات غريبة.
- قد تلجأ بعض النساء لاستخدام وسائل منع حمل هرمونية لاستعادة توازن الهرمونات بالجسم مرة أخرى. ولكن بالطبع لا ننصح باستخدام أي منها بدون استشارة طبيب مختص.
متى يتوقف تساقط الشعر بعد الولادة
سيتوقف الشعر عن التساقط المرعب بعد الولادة بعد مرور حوالي شهرين أو ثلاثة أشهر. ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن معدل نمو الشعرة الطبيعية يبلغ حوالي 1 سم شهرياً. لذا فمن الصعب ملاحظة نموها من البداية بل ستحتاجين لبعض الوقت حتى يمكنك ملاحظة ظهور الشعر الجديد. تخبرنا العديد من الأمهات أن شعرهن يعود لوضعه السابق عند الاحتفال بعيد ميلاد طفلك الأول.
ولكن بالطبع، يلعب الاهتمام الدوري بصحة وتغذية الشعر دوراً كبيراً في تسريع تلك العملية. مما يساعدك في استعادة جمال شعرك وطبيعته السابقة بشكل أسرع من المعدل الطبيعي.
نصائح لتحسين مظهر الشعر بعد الولادة
بإمكانك تجاوز أزمة تساقط الشعر بعد الولادة واستغلال تلك الفترة للعمل على تحسين مظهر شعرك وجعله يبدو أكثر صحة وكثافة وذلك من خلال اتّباع النصائح التالية:
- تعتبر الكثير من السيدات فترة ما بعد الولادة فرصة ذهبية لتغيير شكل شعرهم، حيث يعدّ الحصول على قصة شعر قصيرة جديدة حلاً مثالياً لاستغلال انخفاض كثافته ومساعدته على التعافي من التساقط بوقت قياسي.
- ننصحك بالابتعاد عن جميع المواد الكيميائية الضارة بالإضافة إلى وسائل تصفيف الشعر الحرارية ككي الشعر بالحرارة أو مجففات الشعر الكهربائية، وذلك بسبب تأثيرها السلبي على صحة الشعر بشكل عام وجعله يبدو أكثر إرهاقاً بل وحتى زيادة معدل تساقط شعرك بشكل كبير.
- تلجأ بعض السيدات إلى تسريح الشعر بطريقة جديدة تجعله يبدو أكثر كثافة مما هو عليه فعلاً. تعتبر هذه التسريحات مثالية لحالتك كونها تمنح شعرك حجماً أكبر مما هو عليه في الحقيقة محسنة مظهره بشكل كلي. لذا ننصحك بالبحث عنها واعتمادها فوراً.
- تلاحظ معظم السيدات تساقط الشعر الكبير عند القيام بتمشيطه، لتفادي ذلك نوصي باستخدام مشط ذو أسنان واسعة الذي يساعد في تقليل عدد الشعر المتساقط قدر الإمكان.
- كما قد تساهم بعض مستحضرات الشعر الطبيعية مثل الشامبو والبلسم في تحسين مظهر الشعر بشكل كبير. ولكن من المهم الابتعاد عن المستحضرات التي تحتوي مواد كيميائية ضارة، كما لا يُنصح بغسل الشعر أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع حتى لا ينعكس التأثير الإيجابي للشامبو مسبباً زيادة تساقط الشعر.
- بالإضافة إلى ذلك، تساعد ممارسة التمارين الرياضية بشكل عام في التخلص من التوتر وتحسين الدورة الدموية لفروة الرأس. الأمر الذي يساعد في إيصال الأوكسجين والمواد المغذية إلى الشعر عبر الدم محفزاً نمو الشعر بشكل كبير. كما يساعد العرق الذي يفرزه الجسم أثناء أداء التمارين الرياضية في تحسين صحة الشعر من خلال طرد السموم المتواجدة على فروة الرأس.
- لا تنسي ايضاً شرب الماء بمعدل لا يقل عن 2 ليتر يومياً. حيث يعدّ الماء عامل أساسي في المحافظة على صحة الشعر والبشرة ويمتد تأثيره الإيجابي إلى كافة أعضاء الجسم.
في النهاية، يعدّ تساقط الشعر بعد الولادة أمراً طبيعياً ومتوقعاً ولا يستدعي الشعور بالخوف. ولكن ننصحك باستشارة طبيب مختص لتحديد السبب الرئيسي وراء التساقط والعمل على حله بأسرع ما يمكن كي لا تتحول خسارة الشعر إلى أمر مزمن مع الوقت.